(لماذا اختراق صفحة دار الإفتاء؟)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

اختراق صفحة دار الإفتاء صباح الثلاثاء، والعبثُ بمحتوياتها، بالإضافة إلى أنه صورة من صور القرصنة والتخريب والإفساد؛ يعبرُ عن هزيمة جيوش الباطل، وحزب الشيطان؛ ممن ضاق ذرعًا بالحقيقة، وبالحجة التي أخرست ألْسنة الزيف، وأسكتت أبواق الفساد والدجل، وكشفت خداع الخداعين، فالصفحة - بحمد الله - كانت تلبي حاجة الباحث عن الحقيقة، أيًّا كان توجهه، كان في مادتها الغذاء النافع، بعيدا عن الغثاء وخبط العشواء؛ (فأمّا الزَّبدُ فيذهبُ جُفاءً وأمَّا ما ينفعُ الناسَ فيمكثُ في الأرضِ).

اكتسبت الصفحة ثقة شريحةٍ واسعةٍ من المتابعين، على اختلاف توجهاتهم وانتمائاتهم؛ لِما تقدمُه مِن ترشيدٍ وتبصير، وتسديدٍ وتصويب، وكشفٍ للخداع والتمويه، في قضايا الدينِ والوطن ومحاربة الفساد، وبِما تسهم به مِن مشاركةٍ حقيقية متأنية، مسترشدةٍ بشرع الله وهديِه، في التغلب على كثير مِن الأزمات، التي مَرّت وتمرّ بها البلد، وما أكثرَها! عسى الله أن يكشف عنا غمتها، بمنِّه وكرمِه.

تجاوُبًا مع ما تنشره الصفحة مِن توجيه وعلم نافع، كان المتابعون لها في ازدياد مطردٍ، اقتربت أعدادهم مِن نصفِ مليون متابع.

هذا - لا شك - يغيظُ مَن كانت دار الإفتاء تفضح زيفَهم وألاعيبَهم، وتفسدُ عليهم مشاريعهم السياسية الخادعة، التي كانت تستهدف - في كل مرة - أعزّ شيءٍ عند الناس؛ الدين والوطن، وإن تظاهرت في حينها بالحرص.

كلما جاؤوا باحتيال ملبَّس، وخدعة مغلفة؛ كانت دار الإفتاء بالمرصاد، تكشفها وتحذر منها في حينها، في بيانات جريئة، لم تخش في الحق لومة لائم، تَسَلَّط عليها الإعلام المضلل بسببها، وألصقَ بها ما شاء من التهم، ولم تبالِ؛ لأنّها على بصيرة مِن أمرها.

وهذه ثلاثة نماذج للتذكير، وما بالعهد مِن قِدم:

مرة جاؤونا باسم جمعة الإنقاذ، التي قالت فيها دار الإفتاء للناس: لا تخرجوا، وخرج مَن خرج، وآلَ حال بنغازي اليوم إلى خراب الديار، وتقطيعِ الأرحام، ونزوح الآلاف، وفسادٍ ودمارٍ عارم، يصعبُ تكهنُ آثاره.

ومرّة جاؤوا بإخراجِ كتائِبهم القعقاعية، بلباسٍ مدني في الميادين، قالوا: لا للتمديد، وقالت دار الإفتاء مرةً ثانية للناس: احذروا المكيدة، والنتيجةُ كانت؛ برلمانُ طبرق المنحل يستعدي علينا الأمم، ويطلب التدخل الأجنبي، ويحظَى بمباركة الداعين إلى تقسيم البلاد، ورموزِ نظام القذافي في الداخل وفي الخارج.

وخرجوا علينا مرةً ثالثة باسم الجيش والشرطة، ومكافحة الإرهاب، في انقلابٍ معلَن، وقالت دار الإفتاء كلمتها في حينها: الخارجون على الشرعيةِ بإعلان الانقلابِ بغاةٌ.

والحبل على الجرار.

ولمّا اشتدّ القرعُ على الخصوم، وتوالت الضربات الموجعة، المسدّٓدةُ على حصونِ الباطل الكرتونية الهشة، وتعرَّى المتسترون بها، بكشفِ زيفهم وأخاديعهم، بلغَ بهم الغيظُ أَوجَهُ، والمكرُ غايتَه، فلم يعد يجدي الاكتفاءُ بالطعنِ والسبّ، الذي جرت به العادة، فقرروا غارةً كريهةً على الصفحة، فخرّبوها، وظنّوا أنهم نالُوا بُغيتَهم، وشفوا غيظَهم بنهب ما فيها، لكن هيهَات، فبحمدِ اللهِ؛ ما فيها نبتٌ طيبٌ، أصلُه ثابتٌ محفوظ، وفرعُه باسقٌ مَصُون؛ (يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)، وهو كالشجرة الطيبة (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ).

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

27 جمادى الأولى 1436 هـ

الموافق 18 مارس 2015 م

 

التبويبات الأساسية