وقوف الصبي في الصف الأول في صلاة الجمعة

السؤال: 

ما حكم الشرع في صلاة الصبيان في الصفوف الأولى، وخاصة في صلاة الجمعة؟ علما بأن الصبيان يأتون إلى المسجد مبكراً لقراءة القرآن لحين اقامة الصلاة، فهل تبقى الصفوف الامامية فارغة؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
لا يُترك الصف الأول الذي يلي الإمام للأطفال والصغار، بل يملؤه ذوو السّن والعقل والعلم؛ وذلك لمزيد فضلهم، ولأن شأنهم معرفة أحكام الصلاة، فإذا حدث للإمام خلل في الصلاة نبّهوه وأعانوه، وربما خلفوه في الإمامة إذا حصل له عذر منعه من الاستمرار، ثم إن تقديم أهل الفضل والعلم وذوي السّن هو من السُّنن العامة التي أرشد إليها - النبي صلى الله عليه وسلم - في إنزال الناس منازلهم؛ ليتقرر في نفوس العامة توقير الكبير، وصاحب الفضل؛ حتى يتنافس الناس في الخير، وتطمح نفوسهم إلى بلوغ المراتب العالية. والسنة الصحيحة تدل على ما ذكر :
ففي حديث أبي مالك الأشعري، قال: (أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِصَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قالَ: فأَقَامَ الصَّلاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ، وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الغِلْمَانَ ثم صَلَّى بِهِمْ) (أبو داود1/181 ، فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف ، وله شاهد قي الحديث الذي بعده في الصحيح)
وفي الصحيح ، قال صلى الله عليه وسلم : (لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يلُونَهُمْ (ثلاثا) ، وَإِيَّاكُمْ وَهيْشَاتِ الأَسْوَاقِ)، (مسلم1/323 ، وهيشات الأسواق : الخصومة وارتفاع الأصوات وهى عادة الناس في الأسواق ، فلا يحل شىء من ذلك في المسجد) .
وأخرج ابن ماجه وأحمد عن أنس رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ)، (ابن ماجه حديث رقم 977) ، قالوا : لئلا يشق على أولي الأحلام تقدُّم من دونهم عليهم .
نقل أقوال أهل العلم في موقف الصبيان :
وجمهور الفقهاء في مختلف المذاهب يقولون بهذا الترتيب ففي (الروضة الندية 1/125) عند الأحناف : (وتُقدم صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء).
وقال المالكية:(إن عقل الصبي القُربة فكالبالغ وإلا وقف حيث شاء)، (شرح الخرشي مع حاشية العدوي 2/45).
وفي المجموع عند الشافعية : (إذا حضر كثيرون من الرجال والصبيان يُقدَّم الرجال ثم الصبيان , هذا هو المذهب , وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه حكاه الشيخ أبو حامد والبَنْدَنِيجي والقاضي أبو الطيب وصاحبا المُسْتَظهِرِي والبيان وغيرهم : أنه يستحب أن يقف بين كل رجلين صبي ليتعلموا منهم أفعال الصلاة , والصحيح الأول ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم)، (المجموع شرح المهذب 4/185) .
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف : (السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو الفضل والسن , وأن يلي الإمام أكملهم وأفضلهم ، قال الإمام أحمد : يلي الإمام الشيوخ , وأهل القرآن , ويؤخر الصبيان ... وقد تقدم في صفة الصلاة أن أُبيّ بن كعب أخَّر قيس بن عبادة من الصف الأول , ووقف مكانه ...) ثم قال : (الذي قطع به العلامة ابن رجب في القاعدة الخامسة والثمانين : جواز تأخير الصبي عن الصف الفاضل , وإذا كان في وسط الصف , وقال : صرَّح به القاضي , وهو ظاهر كلام الإمام أحمد , وعليه حُمِل فعل أُبَيّ بن كعب بقيس بن عبادة)، (الإنصاف 2/285) .
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

تاريخ الإجابة: 
الاثنين, يوليو 28, 2008

شوهدت 10957 مرة

التبويبات الأساسية