من الذي يتحكم في الإعلام ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نجح الإعلام أن يفتح شهية العامة والخاصة على السواء، للكلام على المفتي ودار الإفتاء بالسب، والطعن، والتسفيه، فصار الكل يدندن حول (لا عصمة لأحد، وأن المفتي مثل سائر الناس يخطئ ويصيب)، وكأن دار الإفتاء ادعت العصمة للمفتي، فغضب الغاضبون ليثبتوا أنها غير معصومة.

هل ادعت دار الإفتاء يوما العصمة؟!
دار الإفتاء تعلمون أن فتواها غير ملزمة لأحد، فلماذا الخوف؟ تخشون دار الإفتاء التي كممتم خطابها الديني، ومنعتموه من الظهور على القنوات، الواحدة بعد الأخرى..

لماذا تتكلمون هنا على العصمة ؟

وهل الخطاب العلماني الطليق اللسان، وبيده الإعلام والمال ، يصول ويجول، هو المعصوم؟!!

ما الذي يغيظكم من دار الإفتاء غير المعصومة أيها المعصومون!!
ما الذي تخشونه على أنفسكم؟ ها أنتم تُمكِّنون من الإعلام من تريدون، وتحرمون من تريدون، فما المعيار؟ أهو العصمة؟ أم قول الحق وخوف الفضيحة؟

ها أنتم تستبيحون كل شيء...
آخر السقوط الأثيم - الذي لا قَومةَ بعده لساقط - ما نشرته (ليبيا المستقبل) ضمن حملتها على دار الإفتاء، مقالٌ من مجهول يقول صاحبه (أنه شخصيا، لم يسمع يوماً بأي إنسان يزعم أنه رأى الله جهرة، والتجربة الوحيدة التي قام بها رجلٌ "يعني به سيدنا موسى عليه السلام" خلال التاريخ بائت بالفشل، وأدت إلى خسارة بيئية فادحة لجبل بحجم سفينة، كان يقف في صحراء سيناء)...
تقدس الله وتنزه عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
لا ألومُ هؤلاء فلست منهم في شيء، وإنما ألومُ الخيِّرين والمخلِصين، والساكتين على الحقّ.
ثم لماذا يحاكمون المفتي على عدم العصمة، وهو لم يدَّعِها، ها هو القاضي يجتهد في تطبيق القانون ويَحكم، وحكمه ملزم وليس اختيارا كفتوى المفتي، هل لأن القاضي غير معصوم يجبُ أن نلغي منصب القضاء، وهل الوزير معصوم ؟ ورئيس المؤسسة الذي يقررُ سياستها معصوم ؟ وهل رئيسُ الدولة معصوم ؟ أم أن الخطر الوحيد المحدق بليبيا هو المفتي، لأنه غير معصوم.
حتى الشيوخ صاروا يرددونها،
قالوا: لأن المفتي غيرُ معصوم، لا بد أن يكون هناك مجلسٌ للإفتاء متنوعُ التخصصات، بعض الشيوخ على الهواء اقترح أن يكون معهم فنّانون، ليكتمل النصاب، وتتنزَّل الفتوى على الصواب!!
دار الإفتاء بها إدارةٌ للفتوى ليس فيهم فنانون، بها خمسةَ عشر عالما وباحثا، من خِيرة شيوخ وعلماء ليبيا، أسماؤُهم منشورة على الموقع، يتدارسون الفتاوى قبل صدورها.
تقدمت دارُ الإفتاء بطلب تشكيل مجلس للبحوث، تُعرضُ عليه المسائلُ الشائكة، يتكون من خمسة عشر عضوا، منشورة أسماؤهم على الموقع،
قُدّم أعضاء هذا المجلس المقترَح من دار الإفتاء للمجلس الوطني الانتقالي للاعتماد، ورحل المجلس ولم يعتمدهم، وحُوّلوا إلى المؤتمر الوطني العام منذُ انتخابه، ونخشى أن يرحل هو أيضا ولا ينظرَ فيهم، واللوم كلّ اللوم على دار الإفتاء غير المعصومة !!
قالوا: المفتي يجب أن يخرج في الإعلام ويبين لنا وجهة نظره في بعض الفتاوى، التي لم تدرس الواقع بصورة مرضية، مثل زواج الليبيات بالأجانب، والعنف ضد المرأة ..
هل أتحتم للمفتي الفرصة ومكنتموه من أن يتكلم ؟ برنامج المفتي الأسبوعي الإسلام والحياة، كان أولًا على قناة ليبيا الرسمية؛ تكرر انقطاعه، والاعتذار إليه، فالتجأ إلى القناة الوطنية، فكان كالمستجيرِ من الرمضاء بالنار، ازداد تكررُ انقطاعه، ثم توقّف منذ شهور.
برنامج (مع دار الإفتاء) الوليدُ على قناة ليبيا الرسمية، ما كاد يفرح به أهله في الشهرين الماضيين، حتّى وأدوه، وافتعلت مشكلة في القناة، وتوقف البرنامج.
فما الذي يجعل برامج دار الإفتاء تتوقف؟ ومن الذي يتحكم في إعلام الليبيين ؟!!!

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
الثلاثاء 21 جمادى الأولى 1434 هـ
الموافق 2 أبريل 2013 م

التبويبات الأساسية