لا تُسوّوا بين الفريقينِ في ميدانِ القتالِ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بدايةً أحيّي ثوارَ فجر ليبيا الشجعانَ، وثوار شورى بنغازي الأبطال، وأترحمُ على شهدائِهم، وعلى كلِّ شهداءِ ليبيا، وأسألُ الله أن يشفيَ الجرحى، ويعجلَ لهم بالفرجِ والنصرِ.

القتالُ الجاري بين القعقاع والصواعقِ وقواتِ حفترَ مِن جهة، وبينَ ثوارِ فجر ليبيا ومجلس شورى ثوارِ بنغازي من جهةٍ أخرى؛ ليسَ صراعًا على السلطةِ، ولا هو تناحرٌ، كما تسميه الحكومةِ، أو كما يصورُه إعلامُ الفتنة المضلِّل والمموّل.

وإنّما هو قتالٌ بين الثوارِ وبين أعداءِ الثورة مِن الانقلابيين في بنغازي، وبقايا النظام السابق من كتائب القذافي في (32) معزز وامحمد، والمتحالفين معهم من الصواعق والقعقاع، وَالصاعقة، ومَن استأجروهم من المرتزقة مِن خارج ليبيا لقتالِ الليبيين!!  

هو قتالُ تحرير؛ لتخليصِ ليبيا مِن عصاباتِ القتلِ والإجرامِ، والسطو على أموال المصارف واختطاف الأبرياء، وقهرِ الرجالِ العُزّل أمامَ ذويهم وأُسَرهم، وافتكاكِ أموالِهم وإنزالهم من سياراتهم بقوةِ السلاح.

قتالٌ لتحريرِ مُمتلكاتِ الدولةِ ومقرّاتها الشاسعةِ الواسعة، التي استلبَتها الصواعقُ والقعقاعُ مِن الدولة، وعلى رأسِها مقرُّ الداخلية ورئاسة الأركانِ للجيشِ الليبيّ ومعسكراته العديدة، بالسطوِ المسلّح، التي حولوا الكثير منها إلى ممتلكات خاصة تساوي الملايين.

هبَّ الثوارُ الأبطالُ لاستردادِ ليبيا مِمّن سرقوا ثورتَها وثرْوتَها ودولَتها،  وأعادُوها إلى العَسف والظلمِ والسلبِ والنهبِ.

هبّوا لاستعادةِ كرامةِ الوطن التي سُلبت، والحرماتِ التي انتُهكت مِن عصاباتٍ مارقةٍ منقلبةٍ على الشرعيةِ، دعمَتْها - للأسف –الحكومةُ -التي انقلبت هي نفسها عن شرعيتها - من خزينةِ الدولة بالملياراتِ، التي حُرمَ منها المهجَّرونَ الذين يعيشون الحرمانَ، والفقراءُ والضعفاء، والعجزة.

حُرمت مِنها خدماتُ النظافةِ، والتعليم، والمدارس، والمستشفيات، وذَوُو العاهاتِ والأمراضِ المستعصية، وأطفال مرض السرطانِ، ممَن تُجمع لهم اليوم التبرعاتُ داخلَ المستشفيات؛ لتوفيرِ ثمنِ الأدويةِ الأساسية ومسكناتِ الألم.

لتذهبَ هذهِ الملياراتُ هَدرًا لشراءِ الذممِ وَالولاءات، ولجيوبِ تجارِ الحربِ في القعقاعِ والصواعقِ والمدني وَالصاعقة في بنغازي، ومن يُساندونهم.

فلا تُسوّوا بينَ الفريقينِ في ميدانِ القتالِ، بين من سرق الثورة والدولة، وبين من يريد استردادها لليبيا.

أدعو المحللينَ السياسيين والإعلاميين، في نقلِهم للأخبارِ وتحليلاتِهم، أن يتبصروا حقيقة ما يجري، وأن يُسمّوا الأمورَ بأسمائِها الصحيحة، وينصفوا من يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل الحق، فلا يظلموهم بتسويتهم مع أهل الباطل، أدعوهم ألا يكونُوا سندًا للثورةِ المضادَّة، بحجة الحياد والوقوفِ على مسافة واحدة، وأن الكلّ أمامَهم سواءٌ؛ لأنّ التسويةَ بينَ الحقّ والباطل دعمٌ للباطل، والوقوف على مسافة واحدةٍ، بين الذين يظلمون الناسَ ويبغون في الأرض بغير الحقّ، وبين مَن يردَعُونهم لكفِّ بغْيِهم وظلمهم؛ اصطفافٌ إلى جانبِ البغي، وظلم لأهل الحق، يقولُ الله تعالى مستنكِرًا على من يتخذ مثل هذا الحياد المجحف: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)،(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ).

أهيب بكلّ منصفٍ مِن الإعلاميين والساسَة، أن يكفَّ عن استعمال هذا المفهومِ الخاطِئِ للحياد؛ فليسَ هناك إلا حقٌّ وباطل، يقول الله تعالى: (فَمَاذَا بعْدَ الحقِّ إلَّا الضَّلَال)، وأن يكُفُّوا في القتال الدائر في ليبيا عنِ استعمالِ عبارات التنصل من اتخاذ موقف، مثل عبارة: (مَا يُعْرفُ بفجرِ ليبيا)، و(مايعرف بمجلس شورى ثوار بنغازي) عندَ وصفِهم للأحداثِ؛ لأنّ هذا يعنِي أنك أيُّها المتحدثُ تُسوِّي بينَ كتائب القذافي ومَن يقاتِلون معهم، وبينَ الثوار الذين يقاتلونَهم، فهل فعلا هما سواء؟!!

(أفَنجْعلُ المسلمينَ كالمُجرِمينَ مالكُم كيفَ تحكمُون).

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

24 شوال 1435 هـ

الموافق 20 أغسطس 2014م 

 

التبويبات الأساسية