بيان دار الإفتاء رقم 12 لسنة 1434 هـ 2013 م

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان دار الإفتاء رقم 12 لسنة 1434 هـ 2013 م

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، وبعد،

فإن دار الإفتاء يؤلمها  أشد الألم ما تراه من تجاوزات، وتدين كل انتهاك للحرمات.

فكل اختطاف، أو تعد على الأرواح أو الأموال أو الأعراض، هو مُجَرَّم مُدان،  أيا كانت الجهة التي تتولاه، وأيا كانت أسبابه ودعاواه، وأيا كان مُستهدَفوه وضحاياه.

والدار في الوقت الذي تدين فيه بصورة خاصة، وبشدة ما وقع للسيد رئيس مجلس الوزراء من اختطاف بقوة السلاح، تدين أيضا بشدة وبنفس القوة ما يُدمي قلوب أبناء ليبيا جميعا، ويحدث كل يوم، على مدى شهور، من اغتيالات، و تفجيرات، واختطاف للأبرياء بصورة مستمرة، لم يستثن من قائمته أحدا، لا كبيرا ولا صغيرا، ولا رجلا، ولا امرأة، ولا العيون الساهرة على الأمن في البوابات، بل  حتى الأطفال وطالبات المدارس الصغيرات، وآخر الضحايا ثلاث جثث غُدر بها، عثر عليها بجنزور ممثلا بها شر مُثلة، وكل حادثة تنسيك ما قبلها، حتى إن الناس نسوا النفط ومختطفيه، وما كان من أمر رشاويه، ولا شك أن حرمات المسلمين ودماءهم واحدة، متساوية متكافئة،  قال صلى الله عليه وسلم:  (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم). 

يحدث ما نراه كل يوم على مرأى ومسمع من الحكومة، ومن المؤتمر الوطني، والمؤسسات الأمنية، ولا أحد يتحرك ليضع حدا لهذا المسلسل الدموي الذي يخطف الأرواح متسارعا متلاحقا، وما يحدث من تحرك المسؤولين بعد وقوع المصيبة لا يعدو أن يكون للتعازي ولملمة الجراح! 

ودار الإفتاء وهي تدين ما وقع للسيد رئيس مجلس الوزراء، لتذكر - انطلاقا من مسؤوليتها الشرعية نصحا للأمة، وإبراء للذمة - الحكومة بمسؤلية الدماء البريئة التي تُسفك، وأموال الدولة التي تُهدر، والحرمات التي تنتهك، وأن بكاء اليتامى وصرخات الثكالى، واستغاثات المختطفين وذويهم  تُطوق أعناقهم، فالحكومة باعتبارها الجهة التنفيذية في الدولة، هي التي حَملت على كاهلها هذه المهمة، وهي المسؤولة عن أمن مواطنيها.

كما تُحمل الدار المؤتمر الوطني مسؤولية تفريطه في دوره الرقابي، إذ لم يقدر أن يضع حدا لما يجري، ولو تحمل من في الحكومة والمؤتمر مسؤولياتهم، لأمن الناس جميعا؛ الرئيس والمرؤوس، فقد قال رسول كسرى لعمر رضي الله عنه وقد وجده نائما في ظل شجرة وليس معه حارس: (عدلت، فأمنت، فنمت!)

هذا التذكير ترجو دار الإفتاء أن يجد لدى المسؤولين آذانا صاغية، وقلوبا واعية، فإنا لم نسمع في هذه الأزمة خلال كامل اليوم في الإعلام من يُذَكِّر بالمسؤوليات، بل الكل يدندن فقط عن الإدانات، وعن المواساة، تعاطفا مع الحدث، وتَرْكُ التنبيه على الواجبات لا يبني!

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني 

مفتي عام ليبيا

10 / 10 / 2013

 

التبويبات الأساسية